ليلى جروج –
تعمل “رياديّو المناخ السوري” كمؤسسة غير ربحيّة مختصة بقضايا التغيّر المناخي والبيئة، مسجلة في وزارة الشؤون الاجتماعيّة، وتقدّم برامجها من خلال فريق تطوعيّ من الشباب السوري المدرك للمخاطر الناجمة عن التغيّر المناخيّ والتحديات اليومية الناجمة عن الاستهلاك غير المسؤول.
التأسيس والأهداف
في تصريح لمجلة لحلاح تقول الرئيسة التنفيذية للمؤسسة فرح الأسعد: “كانت البداية من خلال عملي مع منظمات محليّة ودوليّة على أهداف التنمية المستدامة، وتمكين الشباب لتحقيق أهدافها، ومن هذا المنطلق بدأت بدراسة أهداف التنمية المستدامة وتحدياتها، وكيف كان الهدف الثالث عشر مظلوماً من حيث قاعدة البيانات، ومن ناحية المعايير الموجودة التي تخصه.”
بدأنا من خلال صفحة ’’تيرا’’ على وسائل التواصل الاجتماعيّ، تقول الأسعد؛ وتكمل: “عملنا على نشر التوعية المناخية عبر فريق متكامل من المصممين المحررين والعاملين على وسائل التواصل الاجتماعيّ، بدأت بعدها طلبات التطوع، و بدأ الإهتمام يزيد من المجتمع الأهليّ ومن المؤسسات والمنظمات العاملة على الأرض في سوريا، ومن هنا جاءت الحاجة إلى الترخيص.”
وتهدف المؤسسة من خلال برامجها المتعددة إلى زيادة الوعي بقضايا التغيّر المناخيّ والبيئيّ، لتشكيل قاعدة شعبية كبيرة ومدركة لخطورة هذا الأمر. توضح الأسعد أهداف المؤسسة: ” نطلق عليها ’’نظريتنا للتغيير’’ وتكون من خلال: رفع الوعي المجتمعيّ، والعمل على المسؤولية المجتمعية، ومشاركة الشباب والشركات والمجتمعات، ومرحلة المناصرة التي كان من الصعب التفكير بها أيام النظام السابق، والتي تهدف إلى تفعيل السياسات البيئية.”
التدوين الأخضر
يقول المسؤول الثقافي في مؤسسة “رياديّو المناخ السوريّ” أنمار صالح لمجلة لحلاح: “نحن كمؤسسة متخصصة بقضية التغيّر المناخيّ نعلم كم هي قضية مؤثرة وخطيرة على العالم أجمع وعلى حياتنا كسوريين، ومن هنا بدأنا بالتدوين، بدأنا بتقسيم الجمهور إلى الأقل اهتماماً وتوّجهنا إليهم عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ، وجزء مهتم وتوّجهنا إليهم عبر المدونة.”
ويرى الصالح أن اختيار التدوين دون غيره من أنواع الكتابة يعود لكونه أكثر سهولة وقرباً من الناس، حيث يتقبله الجمهور أكثر من المقالات أو التقارير، ويضيف: “اخترنا تدريب أشخاص غير احترافيين، كما أن العاملين ليسوا صحفيين، لأن التدوين المناخيّ يتقاطع مع التعليم والاقتصاد والزراعة والصناعة وبشكل أساسيّ مع المجتمع، هذا التقاطع نراه في كل تفصيل في حياتنا،وهو ما يميّزه عن غيره، وما يتيح لكل المهتمين بالمناخ على اختلاف مجالاتهم التدريب والعمل على التدوين المناخيّ.”
أما الفئة المُستهدفة فهي الشباب بالدرجة الأولى بحسب الصالح كونهم الفئة التي سيتأثر مستقبلها بالتغيّر المناخيّ من جهة، ويزداد الاهتمام بين فئة الشباب بهذا المجال من جهة ثانية.
وعلى الرغم من الاتّهامات التي تطال المجال البيئي وتصفه بـ “المُرفّه” إلا أنه ومن وجهة نظر الصالح فإن “التغيّر المناخيّ أثر وسيؤثر على حياتنا، والحديث عنه ليس رفاهية ونحاول أن نوصل هذه الفكرة للجمهور بأي طريقة، كما أن التغيّر المناخي لن ينتظرنا حتى ننتهي من مشاكلنا الداخليّة، فالوعيّ هو الخطوة الأولى التي تسبق الدعم والتمويل والتخطيط والتنفيذ، ودون الوعي لن نصل إلى هذه المراحل.”
دليل التعليم الأخضر بين التحديات والفرص
تقول مديرة مكتب العمليات في مؤسسة “رياديّو المناخ السوريّ” لونا الملا عن مشروع الدليل الأخضر: “يعدّ مفهوم التعليم الأخضر من المفاهيم الحديثة، وهو يتضمن شقين، الشق الأول يرتبط بالجانب البيئي والشق الثاني يركز على التنمية المستدامة، ولا يمكن فصل الشقين حيث يهدف التعليم الأخضر إلى زيادة الوعي البيئي لدى الطلاب، لتوفير بيئة صحية ومستدامة، وتعزيز ممارسة أنشطة صديقة للبيئة.”
وتكمل الملا أنه بالشراكة بين المؤسسة ومركز تطوير المناهج: “تم تطوير دليل التعليم الأخضر وهو كتاب أنشطة موّجه للطلاب في المدارس في جميع المراحل، ليسلّط الضوء عبر الأنشطة العمليّة على أهم المجالات البيئية وهي: النفايات- قضايا المناخ- الطاقة المتجددة- ترشيد الاستهلاك- البصمة الكربونية- الاستدامة والتكنلوجيا- التشجير، وما يتفرّع عنها من محاور مختلفة وفقاً لمعايير محددة وما ينتج عنها من مؤشرات أداء تؤدي إلى النشاط.”
وعن التحديات المستقبلية حول الدليل تقول الملا: ” من الممكن أن نواجه زيادة الاستهلاك، فالطالب لن يأخذ المعلومة بالتلقين وإنما بالتطبيق العمليّ في المدرسة والمنزل، لكن محاولات تجاوزها قائمة وقيد الدراسة، كما يعدّ التمويل اللازم لتأهيل الكوادر في المحافظات وما يترتب عليه من لوجستيات، بالإضافة إلى طباعة الدليل، من التحديات التي تواجهنا أيضاً.”
مسؤولية مجتمعية والسعي إلى دستور أخضر
ترى فرح الأسعد أن الوصول إلى معظم المحافظات السورية على الأخص الأكثر تأثراً بالتغيّر المناخيّ يشكّل مسؤولية كبيرة، وانطلاقاً من هذه المسؤولية يتم التنسيق مع المؤسسات والمنظمات لإضافة اللمسة البيئيّة على مختلف المشاريع أو الأنشطة التي يقومون بها، وهو جزء من برنامج التحوّل الأخضر ضمن القطاعات المختلفة.
وتؤكد الأسعد على الفرصة الكبيرة التي يملكها السوريون لبناء دستور جديد لبلادهم، فتقول: “نسعى أن يكون لنا دور في وضع السياسات التي كنا نعمل عليها ضمن الدستور الجديد، وعلى مستوى ثلاث سنوات من المناصرة البيئية والمناخية، فلدينا مسودة مقترحات سنناصر من أجل تقديمها إلى اللجنة الدستوريّة، لضمان عدم تهميش القضايا البيئية.”
أما أنمار الصالح فيوجه رسالته إلى المجتمع المدنيّ العامل على الأرض في سوريا فيقول: “لا يمكن اعتماد الطرق التقليديّة في التعامل مع قضيّة التغيّر المناخيّ، كما أن هذا الأمر لا يتمّ من خلال تمويل برنامج ما وتوظيف أحد الأشخاص ليكون مسؤولاً بيئيّاً، بل يجب أن يكون هناك حالة حوكمة خضراء، لتكون المشاريع بأطول استدامة ممكنة، فكل البرامج يجب أن تقوم على أسس بيئيّة بغض النظر عن هدفها الرئيسيّ.”
ومن ناحية المسؤولية البيئية فيجد الصالح أنه: “لا يمكن أن تكون الجهود مدنية فقط، بل هي جهود عالمية، فمخرجات مؤتمرات المناخ تتوجه بشكل دائم إلى صنّأع القرار، فالتغيّر المناخيّ يدخل في كل جزء من حياتنا، ولهذا يجب أن يكون الوعي تجاه هذه القضيّة على أشده.”
تقول لونا الملا: “الجانب التوعويّ هام جداً لأن الموارد محدودة والاستهلاك كبير جداً، نركّز على استدامة المشاريع ونسعى إلى نشر هذه الفكرة بين الشباب بشكل خاص.”
أما عن كتابة السياسات البيئية المستدامة فتقول الملا: “هو شيء مهم جداً، يرافقه تعزيز استخدام الطاقة المتجددة والسعي إلى عدم هدرها بل استثمارها بالشكل الصحيح، يجب أن يؤخذ الجانب البيئي بعين الاعتبار من الفرد إلى أكبر كيان يعمل على الأرض، ويجب التركيز على البصمة الكربونية وتخفيف الانبعاثات الكربونية قدر المستطاع، صحيح أننا نسعى جميعاً وراء حياتنا ولقمة عيشنا لكن حتى لقمة العيش هذه مهددة بالزوال في حال لم نعي أهمية السلوكيات والعادات البيئية.”
تختم فرح الأسعد تصريحها لمجلة لحلاح: “الدعم الذي رأيناه من الناس أكبر بكثير الكلام الجارح، خصوصاً بعد استضافتنا لمؤتمر LCOY في سوريا ومشاركتنا في مؤتمرات المناخ الخارجية، وانعكاس أعمالنا من خلال أنشطتنا ومبادراتنا على الأرض، صحيح أننا تعرضنا للكثير من الضغط من قبل النظام السابق والذي اعتبرنا مختلين عقلياً؛ نلعب ونلهو، ووضع لنا حدوداً وقيّد عملنا، لكننا سعينا للوصول إلى هذا اليوم الذي سنناصر فيه للبناء بدلاً من التغيير.”