عن الحياة البحريّة في سوريا

الحياة البحرية في سوريا غنيّة ومتنوعة، وتوفر موائل طبيعيّة لمجموعة واسعة من الكائنات البحريّة، بما في ذلك الأسماك والرخويات والقشريات والشعاب المرجانية.

يعيش في سوريا أكثر من 150 نوعاً من الأسماك، ويُعد الصيد من الأنشطة الرئيسية لسكان المناطق المتاخمة للبحر، ويعتمد على الطرق التقليديّة مثل الشباك والصنارة والمصائد الثابتة. لكن البيئة البحريّة في سوريا تعاني من التلوث بالنفايات البلاستيكيّة والتسربات النفطية التي تؤثر بدورها على الحياة البحريّة. 

كما تعاني من الصيد الجائر، حيث تراجع عدد بعض الأنواع بسبب استخدام طرق غير قانونية في الصيد، مثل استعمال الديناميت. إضافة إلى ذلك فإن التغيير المناخي وارتفاع حرارة المياه أدى إلى هجرة بعض الكائنات الحيّة نحو مناطق أخرى.

في العام 2023 نشر موقع النظام الموحّد للأمم المتحدة في سوريا، والمؤلف من 16 كياناً ومكتباً مقيماً وسبعة كيانات غير مقيمة، لائحة بأهداف التنمية المستدامة في سوريا، والمكوّنة من سبعة عشر بنداً. قال الموقع إنّ هذه هي “دعوة عالمية للعمل من أجل القضاء على الفقر، وحماية بيئة الأرض ومناخها، وضمان تمتع الناس في كلّ مكان بالسلام والازدهار”.

 جاء البند الرابع عشر تحت عنوان “الحياة تحت الماء”، والذي يهدف إلى “حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة”. وجاء شرح مقاصد هذا البند في عشر نقاط، من منع التلوث البحري وإدارة النظم البيئية البحرية والساحلية على نحو مستدام، حتى تنظيم الصيد وزيادة المعارف العلمية وتطوير قدرات البحث، وغيرها من الأهداف التي تسعى الأمم المتحدة إلى الوصول إليها عبر مشاريعها المختلفة.

وقد كان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد قال في رسالة بمناسبة اليوم العالمي للحياة البرية في العام 2019، إنّ الحياة في المحيطات تتعرض لضغط شديد، يتراوح بين آثار تغيّر المناخ والتلوث وفقدان الموائل الساحلية والاستغلال المفرط للأنواع البحرية. 

يمتد الساحل السوري على مسافة 183 كيلومتراً ويضم محافظتي طرطوس واللاذقية، والمدن والبلدات الملحقة بها، ويضم أيضًا جزيرة واحدة، وهي جزيرة أرواد المقابلة لشاطئ مدينة طرطوس. ورغم الحضور الأساسي والتاريخي للساحل السوري في ثقافة بلاد الشام إلّا أنّ الاهتمام بالبيئة البحريّة يكاد ينعدم إلا في حالات نادرة.

يُشكّل الساحل السوري موطناً للكثير من الكائنات البحريّة، ولا سيما الأسماك، مثل السلمون والسردين والسلطعون الأزرق والدردر والبوري، وغيرها الكثير من الأنواع التي تشكل أساس اقتصاد الصيد في المنطقة. كذلك تعتبر الرخويات بأنواعها المختلفة من المحار والحبار والأخطبوط، جزءاً أساسياً من بيئة المكان. 

كذلك توجد في البحر السوري العديد من الشعاب المرجانية التي توفر الحماية لكائنات بحرية مختلفة من أسماك ورخويات وغيرها.

إضافة إلى الحيوانات البحريّة، فإنّ البيئة الساحلية في توفر موطناً لعدد كبيراً من النباتات والأشجار التي تمتد على طول المنطقة الساحل.

تكمن أهمية الساحل السوري، فضلًا عن تاريخها الطويل (أقدم أبجدية في أوغاريت، وتعتبر اللاذقية من أقدم مدن التاريخ) في رفدها اقتصاد البلاد، وخاصة في مجالات الصيد والسياحة والزراعة، وبخاصة التبغ والحمضيات. 

في كليّة العلوم في جامعة دمشق، يُمكن أن يختص المرء في السنة الأخيرة بالدراسات البحريّة، إضافة إلى وجود مواد عن البيئة البحريّة في كليّة العلوم البيئية في نفس الجامعة. كما تتضمن جامعة اللاذقية (جامعة تشرين سابقًا) المعهد العالي للعلوم البحريّة

لكن ورغم كلّ ذلك تكاد تنعدم الأخبار والبحوث والتقارير المتعلّقة بالبحر السوري، إلا في حالات أخبار غير مؤكدة عن اكتشاف ثروات باطنية من نفط وغاز قبالة السواحل السورية، أو أخبار عن تسرب نفطي يهدد الحياة البحريّة، أو عن نفوق كائنات بحرية على الشاطئ السوري. 

وعلى الرغم من وجود مديريات البيئة ووزارة بيئة في سوريا، وإصدار العديد من القوانين من قبل الحكومات المتعاقبة، والتي من المفترض أن تحمي الحياة البحرية، إلّا أن النفايات تحتل أجزاء كبيرة من الساحل، وذلك رغم الأهمية الاقتصادية للمنطقة. 
دفعت قلة الاهتمام الحكومي ببيئة المنطقة إلى قيام مجموعات من السوريين والسوريات للقيام بأعمال تطوعيّة لحماية ما يستطيعون حمايته، فمثلاً تشكّلت مبادرة لحماية الشعاب المرجانية في اللاذقية، أو قيام مجموعة من الشبان والشابات بحملات تنظيف للشواطئ من النفايات، أو إنشاء مجموعة على موقع فيسبوك تحت اسم الحياة البحرية السورية، وغيرها من المبادرات المجتمعيّة.

Scroll to Top