إهمال النفايات الطبية: كارثة بيئية وصحية مستمرة

نوار الخطيب

بعد سنوات طويلة من الحروب، وانهيار المؤسسات، تتفاقم في سوريا أزمة خطيرة وصامتة تتمثّل في النفايات الطبية، التي باتت تشكّل تهديداً متزايداً على الصحة العامة والبيئة، إذ تُعامل هذه النفايات، التي تضمّ أدواتٍ حادة، مخلّفاتٍ جراحية، شاشاً ملوّثاً، ومواد كيميائية وبيولوجية خطرة، كما لو كانت قمامة منزلية عادية، في ظلّ غياب شبه تام لبنية تحتية مخصصة أو نظام فعّال لجمعها ومعالجتها أو التخلّص منها بشكلٍ آمن.

في مدينتي القامشلي والحسكة، شمال شرقي البلاد، تتجلّى هذه الأزمة بوضوح. في المشفى الوطني بالقامشلي، يؤكد أحد العاملين لمجلة لحلاح أن محرقة النفايات معطّلة منذ أكثر من خمس سنوات، دون أي محاولات جادة لإصلاحها. النفايات الجراحية تُجمع في أكياس سوداء بلا فرز أو تعقيم، ثم تُرمى مع القمامة العامة لتنقلها سيارات البلدية إلى مكب نافكري – المكب الوحيد في المدينة وهو غير مجهز للتعامل مع هذا النوع من المخلفات. أما العاملون في القطاع الصحي، من ممرضين وعمال نظافة، فهم أكثر الفئات عرضة للخطر، حيث يعملون دون وسائل وقاية أو تدريب، ويواجهون يومياً احتمال الإصابة بعدوى أمراض خطيرة كالتهاب الكبد أو الإيدز.

في مدينة الحسكة، لا تختلف الصورة كثيراً. فالمشافي الخاصة تفتقر لمحارق أو حتى أنظمة بديلة، ويجري التخلص من النفايات الطبية بحرقها داخل براميل حديدية في الساحات. ويتنشّق العاملون أبخرة خانقة وروائح سامة دون أي وسيلة حماية، وسط غياب شبه كامل للإجراءات الاحترازية.

تزيد التكلفة العالية للتخلص الرسمي من هذه النفايات الطين بلّة، فمن الممكن أن قد تصل كلفة نقل المخلفات الطبية إلى المكبات أو المحارق الآمنة إلى ما بين مليون وخمسة ملايين ليرة سورية في كلّ مرة، ما يدفع العديد من المنشآت الطبية إلى التخلّص منها سرّاً ضمن القمامة العادية، دون رقيب أو محاسبة.

تشير مصادر محلية إلى أن القامشلي وحدها تنتج نحو 600 كيلوغرام من النفايات الطبية يومياً، من أكثر من 28 منشأة طبية، دون أن توجد محارق مخصصة، باستثناء محرقة وحيدة تعمل بالأشعة في مدينة المالكية (ديرك)، لا تكفي لتغطية احتياجات المنطقة. والنتيجة؛ اللجوء إلى الحرق العشوائي والطمر البدائي، مع ما يرافق ذلك من انبعاث مواد سامة مثل الديوكسين، الكادميوم، أبخرة الزئبق، وكلوريد الهيدروجين، التي تمثّل تهديداً مباشراً للبيئة وصحة السكان.

في مدينة دير الزور، فتزداد تعقيدات الملف مع اختلاط أنواع النفايات المختلفة، نتيجة غياب البنية التحتية المناسبة، وانعدام أي نظام متكامل لإدارة النفايات الطبية. في منطقة البانوراما الواقعة على المدخل الجنوبي للمدينة، والتي تضمّ محطة التجميع والنقل على مساحة تقارب تسع كيلومترات مربعة، تتكدّس النفايات المنزلية، والعضوية، والطبية، والركام معاً دون أي عمليات فرز. وتُحرق النفايات الصحية، بما فيها الإبر ومخلفات المستشفيات، مباشرة مع القمامة، بينما يقوم السكان برمي أنقاض الأبنية المهدّمة في نفس الحاويات لعدم توفر البدائل، ما يحوّل المنطقة إلى بؤرة تلوّث مفتوحة.

تنقل عاملة في إحدى أكبر مشافي دير الزور صورة قاتمة، إذ توضح لمجلة لحلاح أنه: “لا يوجد أي نظام للتعامل مع النفايات الطبية. الشاش الملوّث، الحقن، القفازات، وحتى الأدوات الجراحية تُوضع في أكياس بلاستيكية عادية وتُرمى مع القمامة دون أي معالجة”، وتضيف بمرارة أن الأمور تصل إلى حد رمي الأجنة الناتجة عن حالات إسقاط في قسم التوليد مع النفايات العامة، نظراً لغياب التعليمات، وأماكن الحفظ، والوسائل المناسبة للتعامل مع هذه الحالات. كما تشير إلى أن ظروف العمل تنعدم فيها أبسط معايير السلامة، حيث تُشاهد الأدوات الملوّثة على الأرض أو ضمن النفايات العادية، دون وجود حاويات مخصصة أو تدريب على الوقاية، وتردف: “نعمل وكأن حياتنا لا تعني أحداً”.

لا يقتصر الخطر الناجم عن سوء إدارة النفايات الطبية على الكوادر الطبية والسكان فحسب، بل يمتدّ إلى البيئة بمكوّناتها كافة، بفعل الانبعاثات الناتجة عن الحرق العشوائي وغير الآمن في المكبّات أو الحفر المفتوحة، فوفقاً لما يؤكده المهندس الزراعي والخبير البيئي، محمد رشيد سعيد، فإن ما يجري من ممارسات في مناطق تفتقر إلى بنى تحتية بيئية متكاملة، يمثّل خطراً بيئياً حقيقياً ومتفاقماً، لافتاً إلى أن حرق النفايات الطبية في براميل أو حفر مكشوفة، دون وجود أنظمة احتواء أو معالجة، يؤدي إلى إطلاق مزيج شديد السمية من الغازات والمواد الكيميائية، في مقدمتها مركبات الديوكسين والفوران، وهما من أخطر المواد المسرطنة المعروفة، إلى جانب غازات مثل أول أكسيد الكربون القادر على التسبب بالاختناق وتلف الأنسجة، وثاني أكسيد الكربون الذي يسهم بشكل مباشر في تسريع ظاهرة الاحتباس الحراري.

يضيف سعيد لمجلة لحلاح أن كل كيس نفايات طبية يتم حرقه ويحتوي على بقايا عمليات جراحية، أدوات ملوثة، عينات دم أو قفازات، يطلق سحباً من السموم التي لا تتوقف آثارها عند الجهاز التنفسي، بل تتسرّب إلى التربة والمياه وتدخل في السلسلة الغذائية. فالرماد الناتج عن هذا الحرق يحتوي على معادن ثقيلة مثل الرصاص والزئبق والكادميوم، والتي ترفع من قلوية التربة وتؤدي إلى تدهور خصوبتها وموت الكائنات الدقيقة المفيدة فيها، مما ينعكس سلباً على إنتاجية النباتات وسلامتها. ومع انتقال هذه السموم إلى الحيوانات الراعية ثم إلى الإنسان، تظهر التأثيرات التراكمية الخطيرة على الصحة العامة.

يتوسع المهندس سعيد في شرح الأثر بعيد المدى، مشيراً إلى أن المياه الجوفية أيضاً تصبح عرضةً للتلوّث، بفعل تسرّب المواد السامة إلى باطن الأرض، ما يجعلها غير صالحة للاستهلاك البشري أو الزراعي، ويدفع إلى انهيار تدريجي في النظام البيئي. ويضيف: “نحن لا نتحدث فقط عن خطر مباشر على البشر، بل عن تآكل للتنوّع البيولوجي نفسه. فاختلال التوازن البيئي يؤدي إلى اندثار أنواع نباتية وحيوانية بأكملها، ويخلّ بالعلاقات الطبيعية بين الكائنات، ما يُحدث تصحّراً بيئياً متسارعاً”.

كما يحذّر من أن هذه الممارسات لا يمكن النظر إليها كقضية محلية معزولة، بل هي جزء من أزمة بيئية شاملة تتصل بشكل مباشر بتغيّر المناخ العالمي، فمع كل عملية حرق بدائي تُطلق كميات من غازات الميثان وثاني أكسيد الكربون، التي تزيد من سخونة الغلاف الجوي، وتسهم في تسارع الظواهر المناخية المتطرفة. ويصف استمرار هذه الظاهرة في ظل غياب محارق متخصصة أو خطط لإدارة بيئية فعالة بأنه “قنبلة موقوتة” تهدد ليس فقط الحاضر، بل المستقبل الزراعي والبيئي للمنطقة بأكملها. ويختم قائلاً: “التقييم البيئي لواقع الحرق العشوائي للنفايات الطبية سلبي تماماً. نحن أمام أزمة متعددة الأبعاد تمس الإنسان والحيوان والنبات، وتحتاج إلى حلول علمية جذرية قائمة على معالجة النفايات بطرق تضمن السلامة البيئية واستدامة الموارد”.

لا تتوقّف الممارسات الخطرة عند التخلّص العشوائي من النفايات الجراحية والبيولوجية، بل تمتدّ إلى أكثر الأقسام حساسية، مثل وحدات علاج الأورام التي تتعامل مع مواد كيماوية شديدة السمية، فوفقاً لإحدى العاملات في مشفى ابن النفيس، يظهر حجم الإهمال والخلل في إجراءات السلامة داخل هذا القسم، بما يحمله من تهديد مباشر لحياة المرضى والطاقم الطبي والبيئة المحيطة، وتوضح أن الوضع في القسم “مقلق جداً”، خاصة للمرضى الذين يعانون من ضعف شديد في جهاز المناعة، حيث يتم تحضير الأدوية الكيماوية داخل نفس الغرفة التي يتواجد فيها المرضى، دون أي عزل أو تهوية مخصصة، بينما تبقى الغرفة مفتوحة لدخول الزوار والمرافقين. وهو ما يجعل الجميع عرضةً لاستنشاق بقايا الأدوية السامة التي تنتشر في الهواء أثناء التحضير أو الحقن، وتلفت إلى أن الممرضات المكلّفات بتحضير هذه الأدوية لا يحصلن سوى على كمامات وقفازات عادية، دون استخدام أدوات الحماية الشخصية الكاملة مثل المعاطف الواقية، أغطية الرأس، أو الأحذية الخاصة، ما يزيد من احتمال التعرّض المباشر للمواد السامة التي يمكن أن تخترق الجلد أو تنتقل عبر الهواء.

أما النفايات الناتجة عن عملية تحضير الأدوية – مثل الشاش، والقطن الملوث والحقن المستخدمة – فيتم التخلص منها بطريقة بدائية عبر وضعها في أكياس بلاستيكية سوداء عادية، تُجمع لاحقاً مع نفايات المرضى الأخرى دون أي فرز أو معالجة خاصة، وتؤكد أن هذه النفايات تحتوي على بقايا كيماوية خطرة، قد تنتقل إلى الهواء أو تتسرب إلى التربة والمياه في حال التخلص منها بشكل غير آمن، مما يشكل تهديداً بيئياً وصحياً واسع النطاق.

وتلفت الانتباه كذلك إلى وضع عاملات النظافة اللواتي يتعاملن مع إفرازات وسوائل المرضى المحتوية على آثار كيماوية باستخدام مطهرات عادية، دون أدوات وقاية كافية، ما يعرضهن لمخاطر صحية جسيمة على المدى القصير والطويل، وتختم حديثها لمجلة لحلاح بالتحذير من أن استمرار هذا النمط من الإهمال في بيئة علاجية يُفترض أن تكون محكمة التعقيم ومُراقَبة، لا يهدّد فقط المرضى ذوي المناعة الضعيفة، بل يشكل خطراً متراكماً على جميع من يعمل أو يعيش في المحيط القريب من المشفى، داعيةً إلى تدخّل فوري لوضع بروتوكولات صارمة للتعامل مع هذه المواد، تشمل إجراءات عزل وتحضير خاصة، إدارة آمنة للنفايات الكيماوية، وتدريباً وقائياً مكثفاً للكوادر المعنية.

في مشفى المواساة بدمشق، فالوضع “ليس كما يُفترض أن يكون في مؤسسة طبية تعليمية بهذا الحجم”، تقول إحدى العاملات هناك، وتتابع حديثها لمجلة لحلاح: “الإبر، رؤوس الإبر، الشاش، ومخلفات العمليات، يُفترض أن تُعامل كنفايات طبية خطرة. نعم، رؤوس الإبر في غرف العمليات والإسعاف تُوضع أحياناً في علب السلامة المخصصة، وهي علب بلاستيكية مغلقة لا يمكن فتحها بعد الاستخدام. لكن هذا لا يحصل دائماً. في كثير من الأحيان، تُرمى النفايات الأخرى، مثل الشاش الملوّث ومخلّفات الجراحة، في أكياس زبالة عادية، وتُنقل إلى الحاويات خلف المشفى وكأنها نفايات منزلية”.

تضيف بصراحة مؤلمة: “لا توجد لدينا محارق.. الحاويات المخصصة للنفايات الطبية موجودة، لكنها لا تُفرَغ بطريقة مهنية. سيارات المحافظة هي التي تأتي لتأخذها، ومصير هذه النفايات؟ لا أحد يعلم بدقة. ربما تُحرق، وربما تُرمى كما هي.. لا أحد يسأل”، وتختم شهادتها بقلق معتبرةً أن ما يُخيف أكثر من النفايات هو غياب الرقابة، ففي بعض الأقسام النفايات تُرمى بلا فرز، بلا حماية، بلا إشراف.. “الأغلبية تشلفها بأي كيس زبالة، وعلى أقرب حاوية… ولا مين شاف ولا مين درى”.

في مقابل الفوضى التي تسود إدارة النفايات الطبية في مناطق واسعة من سوريا، يظهر في محافظة اللاذقية نموذج أكثر تنظيماً –على الأقل من الناحية النظرية– في التعامل مع هذه النفايات داخل المؤسسات الصحية. إذ تُدار النفايات الطبية هناك وفق نظام تصنيف ثنائي يعتمد على فصل المخلفات بحسب خطورتها، وهو ما أكد عليه أحد الأطباء العاملين في أحد مشافي المحافظة، موضحاً أن النظام يقسم النفايات إلى فئتين رئيسيتين، تشمل الفئة الأولى النفايات الحادة والعالية الخطورة، مثل رؤوس المحاقن، الإبر، والقثاطر الوريدية، والتي تُجمع مباشرة بعد استخدامها في صناديق صلبة تُعرف باسم “صناديق السلامة”. هذه الصناديق تُغلق بإحكام عند امتلائها، وتُنقل لاحقاً إلى نقاط تجميع داخل المشفى، تمهيدًا للتخلص النهائي منها. أما الفئة الثانية فتضمّ النفايات البيولوجية وغير القابلة للتعقيم –مثل القطن، الشاش الملوّث، مفرزات الجسم، الأنسجة، الأعضاء المُستأصلة، وقطع القماش التي لا يمكن إعادة استخدامها– ويتم جمعها في أكياس بلاستيكية مخصصة، مع الالتزام بعملية الفصل في موقع العمل.

لكن ورغم هذا النظام الواضح، لا يخلو التطبيق من مشكلات حقيقية. فعملية نقل النفايات من أقسام المشفى إلى مجمع التجميع تتم غالباً من قبل عمّال النظافة، الذين يفتقر العديد منهم إلى وسائل الحماية الشخصية الملائمة، كالملابس الواقية، القفازات السميكة، أو الأقنعة المناسبة، ما يعرّضهم لمخاطر مباشرة نتيجة التعامل مع مواد ملوّثة أو أدوات حادّة.

تُجمع النفايات من جميع مشافي اللاذقية، بما في ذلك المشفى الوطني والمشفى الجامعي، وتُنقل إلى مكبّ “البصة” الواقع خارج المدينة، في منطقة تحمل الاسم نفسه، حيث تُجرى عمليات الحرق. وعلى الرغم من أن هذا النموذج يبدو أكثر تنظيماً من الناحية النظرية، إلا أن الشهادة تشير إلى أن طبيعة عملية الحرق في المكب، ومستوى تجهيز الموقع، ومدى التزامه بالمعايير البيئية، ما تزال موضع شكّ. كما أنّ اعتماد جميع المشافي على نفس نظام الترحيل والمعالجة، يجعل من الصعب التمييز بين المؤسسات من حيث جودة أو فعالية إدارة نفاياتها.

يُضاف إلى ذلك غياب الشفافية في الإعلان عن نتائج المراقبة البيئية، أو مستوى التلوّث الناتج عن عمليات الحرق في المكبّ، ما يجعل النظام عرضة للانهيار في حال لم تُستكمل حلقات الأمان التي تبدأ بالفصل وتنتهي بالمعالجة الآمنة، ومن دون تدريب منتظم للكادر التمريضي وفرق النظافة، وتوفير التجهيزات الوقائية، فحتى الأنظمة المُنظّمة تظلّ عرضةً للفشل في تحقيق غايتها الأساسية: حماية صحة الإنسان والبيئة.

تشكّل النفايات الطبية في سوريا تحدياً بيئياً وصحياً جسيماً، يتفاقم بفعل غياب البنية التحتية الملائمة، ونقص الوعي والتدريب، والإهمال في تطبيق إجراءات السلامة الضرورية. إن الوضع الراهن، كما رصدناه في مختلف المدن من القامشلي والحسكة إلى دير الزور واللاذقية ودمشق، يعكس قصوراً واضحاً في إدارة هذا النوع الحساس من النفايات، ما يعرض حياة العاملين في القطاع الصحي، والمرضى، والمجتمعات المحلية، إلى مخاطر صحية وبيئية جسيمة.

إن استمرار هذه الممارسات غير الآمنة، وخصوصاً الحرق العشوائي للطمر غير المنظم للنفايات الطبية، لن يؤدي فقط إلى تدهور البيئة الطبيعية، بل سيزيد من معدلات الإصابة بالأمراض وتلوث الموارد الحيوية مثل التربة والمياه والهواء. لذلك، من الضروري تحرك فوري وجاد لوضع خطط متكاملة لإدارة النفايات الطبية، تشمل تطوير البنية التحتية، توفير المعدات والتدريب المناسب، وتفعيل الرقابة الصارمة، إلى جانب توعية العاملين والمجتمع بأهمية الفصل والمعالجة السليمة لهذه النفايات، الحفاظ على صحة الإنسان والبيئة مسؤولية مشتركة، ولا يمكن تحقيقها إلا عبر تعاون شامل بين الجهات الصحية، البيئية، الحكومية، والمجتمع المدني، لضمان بيئة صحية وآمنة للجميع.

** تمّ التحفّظ على هويّات الشهود لدواعٍ أمنيّة بناءً على طلبهم

Scroll to Top