نوار الخطيب –
يواجه سكان حي السريان في مدينة القامشلي تحديات بيئية وصحية خطيرة بسبب تلوث نهر جقجق، حيث تتراكم النفايات وتنتشر الروائح الكريهة وبعض أنواع الحشرات. هذه المشاكل تؤدي إلى تدهور نوعية الحياة في المنطقة نتيجة لتأثيرها المباشر على صحة السكان وراحتهم اليومية، ما يستدعي تدخلاً سريعاً من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك السلطات المحلية والمجتمع المدني، من أجل إيجاد حلول جذرية لها.
معاناة يومية بسبب التلوث
تتحدث السيدة سهير الرياض، إحدى سكان حي السريان، لمجلة لحلاح عن معاناتها اليومية بسبب تلوث نهر جقجق، وتوضح: “أعيش في هذا الحي منذ سنوات، لكن الوضع اليوم أصبح أكثر صعوبة. على ضفاف نهر جقجق تتراكم الأكياس وحفاضات الأطفال والأحذية القديمة، ما يخلق منظراً غير لائق يؤذي العين ويزيد من انتشار الحشرات. في بعض الأحيان، نلاحظ أن بعض الأشخاص يقومون بحرق القمامة على الضفة الأخرى للنهر، ما يزيد من تلوث الهواء، الأمر الذي يؤثر على التنفس بشكل ملحوظ.”
تضيف: “عندما أخرج من منزلي، لا أستطيع الاقتراب من النهر بسبب الروائح الكريهة التي تنبعث منه، وهذا يجعل الاستمتاع بالأجواء الخارجية أمراً صعباً. الأطفال يعانون أيضاً من انتشار الحشرات، وهو ما يزيد من المخاوف بشأن صحة العائلة”.
ينبع نهر جقجق (يُعرف في بعض المراجع بنهر جغجغ أو هرماس) من هضبة طور عابدين في تركيا، ويسير داخل الأراضي السورية ماراً بمدينة القامشلي وريفها حتى يندمج مع نهر الخابور ويصب فيه وسط مدينة الحسكة، ويبلغ طوله 124 كيلومتراً، منها 100 كيلومتر داخل سوريا.
من خلال الشهادات التي تم جمعها، يبدو أن تأثيرات تلوث نهر جقجق لا تقتصر فقط على الناحية البيئية، إذ أن تراكم النفايات ومن ثم حرقها على ضفاف النهر قرب التجمّعات السكنية، ينذر بانتشار الأوبئة وارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض التنفسية والجلدية وغيرها، ولا سيما بين الأطفال وكبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة، علماً أنه لا توجد أرقام رسمية توضح ذلك. علاوةً على ذلك، تحدّث بعض سكان حي السريان عن التغيرات التي طرأت على بعض جوانب حياتهم نظراً للصعوبات التي يلقونها في ممارسة حياتهم اليومية بشكل طبيعي.

مسؤولية جماعية
على الرغم من الجهود التي تبذلها البلدية لتنظيف النهر، إلا أن الوضع لا يتحسن بشكل كبير بسبب عودة السكان لرمي النفايات في النهر، بحسب ما ذكرته السيدة سهير، معتبرةً أن “هذا السلوك يعكس قلة في الوعي البيئي، ويجعل الحلول المقترحة غير فعالة”، لذلك تؤكد على أن حل هذه المشكلة يتطلب عملاً جماعياً.
لا شكّ أن معالجة مشكلة تلوّث نهر جقجق تتطلب تعاون جميع الأطراف المعنية، فالسلطات المحلية بحاجة إلى توفير الميزانية اكافية لتنفيذ خطط تنظيف مستدامة، وفي المقابل، يجب على السكان أن يتحمّلوا مسؤولياتهم وعدم رمي النفايات في النهر أو حرقها على ضفافه، كذلك لا بد من نشر التوعية بالمخاطر البيئية والصحية المرتبطة بالتلوث، وهنا لا بدّ من التنويه إلى أن العدد القليل من الفعاليات البيئية غير الحكومية العاملة في شمال وشرق سوريا قد أوقفت أنشطتها بسبب انقطاع التمويل عنها منذ عدة أشهر.
يعبّر ريفان درويش، وهو صاحب محل تجاري يقع بالقرب من نهر جقجق، عن قلقه من استمرار تلوث النهر، موضحاً أنه حاول مراراً التواصل مع البلدية بشأن ذلك، فأخبروه بأنهم وضعوا خططاً لتنظيفه لكن تلك الخطط لم تُنفذ حتى الآن بسبب عدم وجود ميزانية كافية لإنجاز ذلك. ويضيف في حديثه لمجلة لحلاح: “نحن في المنطقة نعاني بشكل دائم من مشاكل صحية نتيجة لتلوث النهر، فقد أُصيب بعض السكان بعدد من الأمراض التنفسية، وهذا يعمّق معاناتنا”.
يشير ريفان إلى أنه حتى عندما كانت هناك بعض الجهود لتنظيف النهر، لم يساهم الكثير من السكان في ذلك، “فرغم وجود حاويات مخصصة لجمع النفايات على ضفاف النهر، إلا أن البعض يواصل رمي القمامة في المكان نفسه. هذه التصرفات تفاقم الوضع وتؤثر على صحة الجميع”.
