مليون شجرة – غرسة أمل

ليدا زيدان

تعرّض الغطاء النباتي في سوريا لتغيّرات كبيرة خلال سنوات الحرب، حيث إذ تسبّبت العمليات العسكرية بتدمير مساحات واسعة من الأشجار والنباتات، كما دفع تدهور الأوضاع المعيشية لدى بعض السكان إلى تحطيب الأشجار بشكل جائر بغرض التدفئة، ما فاقم من تدهور الغابات، خصوصاً بعد تعرّضها للحرائق.

هذا التدهور البيئي انعكس سلباً على المناخ المحلي وعلى سبل المعيشة التي يعتمد جزء منها على الموارد الطبيعية، ومن هنا انبثقت ضرورة وجود مبادرات بيئية تعمل على استعادة الغطاء الأخضر كخطوة ملحة لتفادي المزيد من التأثيرات السلبية.

بدأت الأسبوع الفائت حملة تشجير واسعة على طريق دمشق – السويداء، شارك فيها وزير الزراعة، أمجد بدر، ومحافظ السويداء، مصطفى البكور، حيث تم زرع 4500 غرسة على الطريق. انطلقت الحملة في الأصل كمبادرة من مؤسسة الكرامة للتنمية الاجتماعية عام 2018، بهدف إعادة إحياء الغطاء النباتي.

مسؤولة المكتب الإعلامي في مديرية الزراعة بالمحافظة، ديما بوز، أوضحت لمجلة لحلاح أن المشروع جاء لتعويض الفاقد من الغطاء النباتي الناتج عن الانتهاكات الحاصلة ضد البيئة والقطع الجائر للأشجار، مشيرةً إلى أن الحملة جاءت كمبادرة من مؤسسة محلية وبالتعاون مع مديرية الزراعة، وتابعت: “قامت مديرية الزراعة ممثلة بالمهندس مالك الحلبي، بالتعاون مع مؤسسة كرامة للتنمية الاجتماعية ممثلة بالسيدة بشرى جربوع، باستجرار غراس من ريف دمشق ومشتل العين الحراجي”.

بدأت الحملة بتشجير طريق دمشق-السويداء بدءاً من قرية الصورة الصغيرة، وتمت متابعة سقاية ورعاية الغراس المزروعة. حتى الآن تم زراعة 4500 غرسة مع العناية بها، والمشروع نُفّذ من قبل مديرية الزراعة – دائرة الحراج، ومؤسسة كرامة للتنمية الاجتماعية.

بوز نوهت إلى وجود مشاريع بيئية مماثلة ستُنفذ على أرض الواقع، مع مواصلة العناية بهذا المشروع لضمان تحقيق النتائج المرجوة، كإعادة الغطاء الأخضر لمحافظة السويداء، مقاومة التصحّر، نشر الوعي البيئي، وإشراك المجتمع المحلي بالعمل ضمن هذه المشاريع.

انطلقت الحملة بدايةً بمبادرة من مؤسسة الكرامة للتنمية الاجتماعية، وهي مؤسسة محلية أُشهرت في نيسان 2017، وتُعنى بقضايا البيئة إلى جانب مشاريع تنموية أخرى.

المديرة التنفيذية للمؤسسة، بشرى جربوع، قال لمجلة لحلاح: “مشروع المليون شجرة – غرسة أمل، هو واحد من أهم مشاريعنا، بدأ عام 2018 وهدفه زيادة الغطاء النباتي وأن نرى بلدنا خضراء”، وأضافت أن المؤسسة قامت بالتنسيق مع مديرية الزراعة – دائرة الحراج – لتأمين الغراس وتنظيم حملات التشجير في كل موسم حراجي، وتكّفلت بجميع نفقات الحفر والتشجير، بمشاركة متطوعين وأفراد من المجتمع المحلي.

تضيف جربوع: “يتمثل دور المديرية بتقديم الغراس، والعمل معنا للعناية بها وسقايتها. رغم ضعف الإمكانيات، التعاون قائم”، وقدمت المؤسسة صهاريج ماء لدائرة الحراج للمساعدة في السقاية، نظراً لقلة الهطولات المطرية وتجنباً لجفاف الغراس.

كان من المفترض أن يُنفذ المشروع في كانون الأول، إلا أن التغيرات السياسية والأمنية الأخيرة في البلاد أخّرت التنفيذ بسبب صعوبة استجرار الغراس، وتوضح جربوع: “كنا قد حصلنا على موافقات الطرق العامة ومديرية الحراج وطلبنا غراس من خارج خطة الحراج لندرة الغراس في المحافظة.. مجدداً تم تفعيل المشروع بعد التواصل مع ريف دمشق، وبدأنا الأسبوع الماضي بزراعة الغرسات الحراجية من سرو وصنوبر وكينا وأنواع مناسبة للمنطقة”.

تؤكد جربوع على أهمية استمرار المشروع وتوسعته، مشددة على ضرورة دعم المجتمع المحلي. “نعمل على حماية الأشجار من التعديات، وسنتابع السقاية أسبوعياً لمدة شهر ونصف بسبب قلة الهطولات المطرية هذا العام”، كما أكدت على استكمال المشروع في الموسم الحراجي القادم خلال شهر تشرين الثاني لتشجير الطريق كاملاً، وتردف: “حلمنا أن يكون مدخل السويداء أخضر، وأن نرى سوريا كلها خضراء”.

هذا وأشارت إلى أن المؤسسة تعمل على تأمين الصهاريج والعمال، وتقوم بتعويض ما يُفقد من غراس، مؤكدة ضرورة متابعة المشاريع البيئية وحمايتها من التعديات، كالرعي الجائر والتحطيب، ما يجعل تعويض الأذى أصعب بكثير مما هو عليه في بداية المشروع.

الضرر الذي لحق بالغابات خلال سنوات الحرب أدى لفقدان نحو ثلثها، بحسب تقرير صادر عن منظمة PAX عام 2023، والذي استند إلى صور أقمار صناعية ومصادر مفتوحة، وأفاد التقرير بأن أكثر من 36% من الغابات في غرب سوريا فُقدت بين عامي 2018 و2020 بسبب الحرائق والقطع غير المنظم، فيما تم قطع نحو 60% من الأشجار في بعض المناطق.

تعد حملة “المليون شجرة – غرسة أمل” خطوة لاستعادة الطبيعة في سوريا، وهي تعكس الإرادة المحلية والمجتمعية لإعادة الحياة إلى البلاد، ويعتبر الاهتمام بالجانب البيئي والزراعي ضرورة ملحة بعد سنوات الحرب والدمار الذي لحق بالموارد الطبيعية، كجء لا يتجزأ من مشاريع إعادة الإعمار.

Scroll to Top