نوار الخطيب –
تواجه منطقة حاوي الكشكية في ريف دير الزور الشرقي كارثة بيئية وصحية متفاقمة نتيجة الإهمال المتعمد من قبل الجهات المسؤولة، حيث تحوّلت المنطقة الواقعة قرب جسر القطار والمقبرة إلى مكبّ عشوائي للنفايات ومخلفات الحيوانات النافقة التي تُرمى بشكل غير منظم من قبل البلديات.
هذا المشهد الكارثي لم يعد مجرّد مظهر غير حضاري، بل بات تهديداً صارخاً لحياة السكان وسلامتهم، مع انتشار الروائح الكريهة والحشرات، ما يُنذر ببيئة موبوءة قابلة لانفجار وبائي في أي لحظة، في ظل غياب تام لأي تحرك فعّال للحد من ذلك.
كشف مصدر مطّلع لمجلة لحلاح أن هيئة البلديات في مجلس ريف دير الزور المدني أنشأت مكبّ نفايات عشوائي قرب جسر القطار في منطقة حاوي الكشكية، حيث يتم رمي القمامة وجثث الحيوانات النافقة بشكل متكرر، ما أدى إلى تكدّس هائل للنفايات دون أي إجراءات للمعالجة أو الرقابة الصحية.
المصدر أوضح أن المكبّ بات مصدراً لتفشي الأمراض، خصوصاً داء “اللشمانيا”، والذي بدأ ينتشر بين الأطفال في المنطقة، نتيجة تكاثر الذباب الناقل للعدوى، إذ يتغذى على الحيوانات المتحللة ثم ينتقل إلى داخل المنازل، علماً أن أقرب بيت يبعد نحو 400 متر عن الموقع.
المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أضاف أن غياب الاهتمام من قبل هيئة البلديات والخدمات الفنية، وتجاهل خطورة الوضع، ساهم في تفاقم الأزمة، وسط مخاوف من انتشار أوسع للأمراض وتحوّل المنطقة إلى بؤرة تلوث صحّي وبيئي تهدد حياة مئات السكان، خاصة الأطفال والمرضى وكبار السن.
مطالب السكان
يطالب أهالي منطقة حاوي الكشكية في ريف دير الزور الشرقي بوقف فوري وشامل لعمليات رمي النفايات والمخلفات الحيوانية في منطقتهم، والتي حوّلت محيط جسر القطار والمقبرة إلى بؤرة تلوث خطيرة تهدد حياتهم وصحة أطفالهم. كما يطالب السكان بالبحث عن موقع بديل للمكب يكون بعيداً عن المناطق السكنية، ويخضع لمعايير السلامة البيئية والصحية. ويشدد الأهالي على ضرورة تنظيم حملات نظافة عاجلة لإزالة القمامة والجيف المتراكمة منذ أشهر، والتي تسببت في انتشار الروائح الكريهة والحشرات والأوبئة، وعلى رأسها داء اللشمانيا.
لا تقتصر مطالب السكان على الإجراءات الإسعافية فقط، بل يدعون أيضاً إلى محاسبة الجهات المسؤولة عن هذا الإهمال المتكرر، وفي مقدمتها هيئة البلديات والخدمات الفنية التي تقاعست عن أداء واجباتها. ويؤكد الأهالي أن السكوت عن هذا الوضع لم يعد مقبولاً، مطالبين جميع الجهات المعنية والفعاليات المحلية بالتحرك السريع واتخاذ خطوات حقيقية وعاجلة للحد من الكارثة الصحية والبيئية التي تهدد مجتمعهم يومياً.
المخاطر البيئية
تتجلى المخاطر البيئية في منطقة حاوي الكشكية بعدّة جوانب خطيرة تهدد النظام البيئي والصحة العامة للسكان، في ظل تفاقم الإهمال وغياب الرقابة. أول هذه المخاطر يتمثل في تلوث التربة والمياه الجوفية نتيجة تسرب السوائل السامة الناتجة عن تحلل جثث الحيوانات وبقايا النفايات إلى باطن الأرض، ما قد يؤدي إلى تلوث مصادر المياه المستخدمة للشرب والزراعة.
كما يشكّل تراكم النفايات العضوية بيئة مثالية لتكاثر الحشرات الناقلة للأمراض، وعلى رأسها ذباب الرمل، المسبّب الرئيسي لانتشار داء اللشمانيا، إضافة إلى الجرذان والقوارض التي تنقل أمراضاً خطيرة أخرى مثل الطاعون والتيفوئيد. أما الروائح الكريهة والغازات السامة المنبعثة من تحلل النفايات، مثل غاز الميثان والأمونيا، وتسهم في تلويث الهواء وتزيد من خطر الإصابة بأمراض تنفسية مزمنة، خاصة لدى الأطفال وكبار السن.
كذلك لا تقل حرائق النفايات العشوائية خطورة عن غيرها، إذ غالباً ما يقوم البعض بإشعال القمامة للتخلص منها، ما يطلق سحباً من الدخان السام المحمّل بالمواد المسرطنة التي تهدد صحة السكان والبيئة معاً. كما تؤدي هذه الممارسات إلى تدمير الحياة البرية في المنطقة، وتهجير الطيور والحيوانات الصغيرة، وإفساد التوازن الطبيعي المحلي.
كل هذه المخاطر مجتمعة تُنذر بتحوّل منطقة حاوي الكشكية إلى منطقة موبوءة وغير صالحة للسكن إذا لم يُتخذ تحرك فوري لمعالجة الوضع وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من البيئة المحلية.