مادة مترجمة – ناشيونال جيوغرافيك –
“من المهم فهم أسباب الاحتباس الحراري وآثاره وتعقيداته حتى نتمكن من الكفاح من أجل صحة كوكبنا.”
يشير الاحتباس الحراري إلى الزيادة في المتوسط العام لدرجة حرارة الكوكب في العقود الأخيرة. لطالما أثرت العمليات الطبيعية على درجة حرارة الأرض ومناخها، ولكن في الآونة الأخيرة، تغيرت درجة حرارة الكوكب ومناخه بوتيرة أعلى مما يمكن للطبيعة وحدها أن تفسره. تعزى هذه التغيرات السريعة إلى الأنشطة البشرية والاستخدام الواسع النطاق للوقود الأحفوري في مجال الطاقة.
يشمل الوقود الأحفوري الفحم والنفط والغاز الطبيعي، ويسبب حرقه ما يعرف باسم “تأثير الاحتباس الحراري” في الغلاف الجوي للأرض. يحدث تأثير الاحتباس الحراري عندما تخترق أشعة الشمس الغلاف الجوي، ويعكس سطح الأرض تلك الحرارة، ثم تُحبس بعض الغازات الموجودة في الغلاف الجوي الحرارة فوق الأرض. وتعتبر الغازات المنبعثة من حرق الوقود الأحفوري جيدة جداً في حبس الحرارة ومنعها من مغادرة الغلاف الجوي. وهذه الغازات هي ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز ومركبات الكلوروفلوروكربون وبخار الماء.
تسببت الحرارة الزائدة في الغلاف الجوي في ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية للكوكب بمرور الوقت، وهو ما يُعرف اليوم بالاحتباس الحراري.
لقد أدت الثورة الصناعية، التي بدأت في منتصف القرن الثامن عشر، إلى بدء ارتفاع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية بفعل الإنسان، وأدى اختراع المحرك البخاري الذي يعمل بالفحم إلى إدخال الفحم كمصدر رئيسي للطاقة، وسرعان ما أصبح أساسياً في تدفئة المنازل وتشغيل الآلات في المصانع.
منذ ذلك الوقت، ازداد حرق الوقود الأحفوري بشكل مطرد. واليوم، تستخدم العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم الوقود الأحفوري لتوليد الطاقة الكهربائية وللتدفئة والنقل. سبّب هذا ارتفاع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بشكل كبير خلال المئة عام الماضية، وخاصة منذ ثمانينيات القرن المنصرم. والذي أدى بدوره إلى تسريع ارتفاع درجة حرارة الأرض.
طرح الاحتباس الحراري مشكلة أخرى أمام البشر، ألا وهي تغير المناخ. غالباً ما يستخدم الناس مصطلحي “الاحتباس الحراري” و”التغير المناخي” بالتبادل، لكنهما مختلفان. يشير الاحتباس الحراري العالمي إلى ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض، بينما يشير التغير المناخي إلى التغيرات في أنماط الطقس ومواسم النمو حول العالم. يتسبب الاحتباس الحراري في تغير المناخ الذي يشكل تهديداً خطيراً للحياة على الأرض.
يشعر البشر بتأثير الاحتباس الحراري في جميع أنحاء العالم حيث يجلب تغير المناخ موجات جفاف شديدة وحرائق للغابات وعواصف شديدة مترافقة مع هطول أمطار غزيرة. ويؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تغيير النظم البيئية، مما يجبر الحيوانات على الهجرة إلى أماكن أكثر برودة للبقاء على قيد الحياة. ويتوقع العلماء أنه إذا لم يتم القيام بأي شيء لخفض درجات الحرارة العالمية، فإن العديد من الأنواع ستنقرض.
كما ترتفع درجة حرارة المحيطات، وتذوب الأنهار الجليدية والقمم الجليدية والصفائح الجليدية، مما يتسبب في ارتفاع منسوب مياه البحر، والذي يؤدي إلى خلق الفيضانات، وخاصة في الجزر والمجتمعات الساحلية.
كانت الشعاب المرجانية رمزاً لعواقب ارتفاع درجة حرارة المحيط. فالعديد من الشعاب المرجانية -وهي موطن لآلاف الأنواع من الأسماك والكائنات الحية الأخرى- تحتضر. تركّز مستكشفة ناشيونال جيوغرافيك شيرين رحيمي -هي راوية قصص من تحت الماء- على تأثير الاحتباس الحراري على الشعاب المرجانية الاستوائية. تلتقط صورها علاقات البشر بالبحار المتغيرة في جنوب المحيط الهادئ والمثلث المرجاني ومنطقة البحر الكاريبي. تكرس رحيمي جهودها لرواية القصص الشخصية التي تشجع على العمل البيئي.
تحاول البلدان في جميع أنحاء العالم خفض انبعاثات الغازات لإبطاء الاحتباس الحراري. في عام 2015، وقّع ما يقرب من 200 دولة على اتفاقية باريس في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ. تكلف المعاهدة الدولية كل دولة بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. والهدف من ذلك هو إبطاء وتيرة الاحتباس الحراري ومنع ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار درجتين مئويتين (3.6 درجة فهرنهايت) فوق درجات الحرارة قبل الثورة الصناعية.
المصدر الأصلي للمقالة: موقع ناشيونال جيوغرافيك باللغة الإنجليزيّة.