غيث كيالي يزرع حلب بالأمل

ليدا زيدان

انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأسابيع الماضية مقاطع مصورة قصيرة تظهر شاباً يحوّل بعض الأماكن العامة في حلب، كالحدائق والمواقع الأثرية، من مكان مجهور تتراكم فيه النفايات، إلى ما يشبه الفسحة الخضراء. هذا العمل أثار كثيراً من ردود الأفعال الإيجابية، وذكّرت بأهمية المبادرات الفردية في تحسين الواقع في بلد أنهكته الحروب.

غيث كيالي، طالب يبلغ من العمر 20 عاماً، يقول لمجلة لحلاح إن مبادرته البيئية جاءت من شعوره بالمسؤولية تجاه بيئته ومدينته.

“كنت في بيت جدي، ولاحظت حالة الشارع من حوله، فتولّد لدي دافع داخلي للقيام بشيء. لم أكن أنتظر جهة أو مبادرة جماعية، بل بدأت بنفسي، فباشرت أعمال النظافة والتشجير بدافع حبي للطبيعة وإيماني بأهمية المساحات الخضراء وفوائدها للإنسان والطبيعة والحياة بشكل عام”، يقول كيالي.

لكن هذه المبادرة لم تكن سهلة. يشير كيالي إلى أن العمل الميداني، وخاصة في أعمال الزراعة، واجه العديد من الصعوبات، أبرزها النقل، وتوفّر المعدات الثقيلة، والتكاليف المرتفعة، وصعوبة تأمين المياه، ولكنه يؤكد على أنه يقود جهوده بشكل فردي في كثير من الأحيان، وأن حجم التحديات لم يثنه عن الاستمرار.

على صعيد الدعم، يؤكد كيالي أنه لم يتلقَ أي تمويل مادي من أي جهة رسمية أو من منظمات وجمعيات المجتمع المدني، وهو ما يضاعف من صعوبة الاستمرار في مبادرته، لكنه يلفت إلى أن الدعم المعنوي والمساندة اللوجستية من بعض الجهات المحلية لعبت دوراً إيجابياً، لا سيما من قبل رئيس بلدية حلب ووزارة الثقافة، اللذين قدّما له بعض التسهيلات، معبراً عن امتنانه لذلك.

على الرغم من كونه المبادر الأول في المشروع، إلا أن غيث لم يكن وحيداً تماماً، فقد انضم إليه عدد من المتطوعين الشباب المهتمين بالمجال البيئي، وهو ما يمنحه دفعة إضافية للاستمرار. يقول: “مجرد وجود أشخاص يؤمنون بالفكرة ويشاركونني فيها يجعلني أشعر أنني لست وحدي، وأن التغيير ممكن حين نؤمن به”.

بدأ غيث مبادرته قبل نحو شهرين ونصف، وكان من أوائل من أطلقوا هذا النوع من المبادرات على مستوى سوريا، حسب قوله. ويضيف بلهجته المحلية بفخر: “الحمد لله، قدرت أكون سبب بإلهام شباب في محافظات تانية، واليوم عم شوف مبادرات شبيهة تنطلق بمناطق مختلفة، وهذا أكبر حافز إلي”.

في نهاية حديثته لمجلة لحلاح يؤكد كيالي على رؤيته الأشمل للمسؤولية والانتماء: “ما بعتبر حلب هي حدود مسؤوليتي. أنا سوري، وكل شبر في سوريا هو بلدي. اللي عم قوم فيه بحلب اليوم، بتمنى يكون خطوة أولى ضمن مشروع أوسع يمتد على كل الأراضي السورية. لأنو بالنهاية، البيئة ما إلها حدود، ومسؤوليتنا كمان لازم تكون هيك”.

Scroll to Top