عشرون بئراً لمواجهة أزمة المياه في القامشلي

رؤى النايف

تشهد مدينة القامشلي واحدة من أسوأ أزمات المياه خلال السنوات الأخيرة، حيث يعاني السكان من انقطاعات متكررة وشحٍّ كبير في الإمدادات، خاصة خلال فصل الصيف الفائت.

مع تراجع مناسيب المياه الجوفية وازدياد الطلب السكاني، تحوّلت مشكلة المياه في المدينة إلى أزمة خدمية ومعيشية خانقة، دفعت الأهالي للمطالبة بحلول جذرية تعيد الاستقرار إلى الشبكة العامة.

استجابةً لهذه الأزمة، بدأت بلدية الشعب في القامشلي بتنفيذ مشروع إستراتيجي لحفر 20 بئراً بهدف تأمين مصادر مياه مستدامة للمدينة، وتخفيف الضغط عن المصادر التقليدية القديمة، وتُقدّر الكلفة الإجمالية للمشروع بنحو 2.859.800 دولار أميركي، في خطوة تعدّ الأكبر من نوعها على مستوى قطاع المياه في المنطقة منذ سنوات.

القائمون على المشروع أوضحوا لمجلة لحلاح أن خطة الحفر تشمل 12 بئراً في حوض محطة الهلالية الواقعة في القسم الغربي من المدينة، وبئرين في محطة الجقجق، إضافةً إلى ستة آبار في القسم الشرقي، وتحديداً في محيط قناة السويس والصوامع، وتُخصَّص الآبار الشرقية لدعم خط سد سفان المغذي للشبكة العامة، ما من شأنه أن يسهم في تعزيز الضخ واستقرار التوزيع بين أحياء المدينة المختلفة.

يبلغ عمق الآبار بين 325 و425 متراً، بحسب طبيعة الطبقات الجيولوجية، للوصول إلى أكبر مردود مائي ممكن وضمان استمرارية الضخ على المدى الطويل، ومن المتوقع أن تصل الإنتاجية الإجمالية للمشروع إلى نحو 1500 متر مكعب في الساعة، أي ما يعادل تغذية مستمرة لآلاف المنازل يومياً، على أن تُنجز الأعمال خلال 270 يوماً من بدء التنفيذ.

حتى الآن، تم إنجاز حفر البئر رقم (11) والبدء بأعمال الحفر في البئر رقم (12) والأخير ضمن آبار محطة الهلالية، حيث بلغ عمق الحفر 350 متراً من أصل 400 متر. 

في الوقت نفسه، يجري العمل على تجهيز خطوط التجميع وربطها بالخزانات الرئيسية، ما سيُحدث فرقاً ملموساً في حجم المياه المتدفقة نحو الشبكة العامة بمجرد بدء التشغيل.

وفقاً لما نُقل لمجلة لحلاح من مصدر مطلع (طلب عدم ذكر اسمه)، تم أخذ ثلاث عينات مائية من الآبار المكتملة وإرسالها إلى المختبر، حيث أثبتت التحاليل مطابقتها للمواصفات القياسية من حيث النقاوة وجودة المياه. كما أُجريت تجارب ضخ استمرت 72 ساعة لكل بئر على حدة، أظهرت استقرار الإنتاجية وثبات معدل التدفق، بإشراف لجنة فنية مختصة لضمان سلامة التشغيل قبل ربطها بالشبكة العامة.

هذا ومن المقرر أن يبدأ الضخ الفعلي من آبار محطة الهلالية خلال الأسابيع القادمة، على أن تُستكمل بقية الآبار تباعاً مع الانتهاء من أعمال الحفر والتركيب في المناطق الشرقية. 

بدورها تؤكد بلدية الشعب أن المشروع يأتي ضمن خطة أوسع لتحسين خدمات المياه في المدينة وضمان تغذية مستمرة ومستقرة للأحياء السكنية التي عانت طويلاً من الانقطاع والتقنين، ويمثّل هذا المشروع، بحسب ما يؤكّد القائمون عليه، أحد أهم المشاريع الخدمية في القامشلي خلال عام 2025، لما سيحققه من تحسن ملموس في واقع المياه واستقرار الإمدادات اليومية. 

كما يشكل خطوة أساسية نحو بناء بنية تحتية أكثر استدامة في مواجهة آثار الجفاف وتغير المناخ الذي ضرب مناطق شمال وشرق سوريا خلال السنوات الماضية، ومع استمرار الأعمال الميدانية على مدار الساعة، يبدي العاملون تفاؤلهم بإنجاز المشروع في الموعد المحدد، لتبدأ القامشلي مرحلة جديدة من الاستقرار المائي بعد سنوات من المعاناة.

Scroll to Top