حرائق الساحل السوري تقلّص المساحات الخضراء في سوريا

ليلى جروج

اندلعت مجموعة جديدة من الحرائق في ريفي طرطوس واللاذقية بعد موجة الحرائق التي اندلعت بداية آذار الجاري، وهي الموجة الثالثة من الحرائق خلال أقل من ستة أشهر. تعدّدت الروايات حول أسباب اندلاعها، على الأخص في هذا الوقت من العام، المعتدل حرارياً مقارنةً بفصل الصيف، وقد رجحّ البعض أنها مُفتعلة، في حين قالت روايات أُخرى إنها حدثت بفعل الريح الشديدة التي شهدتها المنطقة. 

قال مدير الدفاع المدنيّ السوري، رائد الصالح،  في منشور على منصة “إكس” إن فرق الإطفاء استجابت لمجموعة من الحرائق في سوريا بينها 20 حريقاً حراجياً في ريفي اللاذقية وطرطوس، وهذه المرة الثانية -خلال عشرة أيام- التي تتكرر فيها موجة الحرائق في ريف الساحل السوريّ، وقد تمكنت الفرق من إخمادها خلال يوميّ عمل متواصلين، حيث بدأت الحرائق يوم الثلاثاء 4 آذار دون ورود معلومات عن السبب الذي أدى إلى اندلاعها، في هذا الوقت على وجه التحديد، وقد نتج عنها إصابة طفلة وأضرار مادية وخسائر بالغطاء النباتيّ في مناطق حراجية.

وشملت الحرائق بحسب توثيق الدفاع المدنيّ السوريّ كل من ريف مدينة جبلة، طريق القطيلبية، حريق حراجي في قرية سنديانة في ريف اللاذقية، حريق حراجي على طريق طرطوس ـ صافيتا، حريق على طريق طرطوس حمص عند كازية الخليج، حريق طريق طرطوس المتحلّق الشمالي جانب معمل الوهيب، حريق حراجي بالقرب من جسر الروضة، ضهر صفرة بريف طرطوس، حريق حراجي على طريق دير حنا بريف القرداحة في محافظة اللاذقية وهو الحريق الأكبر، المنطقة الحراجيّة في بلدة حرف المسيترة بريف اللاذقية، قرب مطار اسطامو بناحية القرداحة بريف اللاذقية، تل سيانو في ريف اللاذقية.

وبحسب مسؤول الدفاع المدني في محافظتيّ اللاذقية وطرطوس، عبد الكافي كيال، الذي صرّح من خلال تسجيل صوتيّ عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ، بدأت الحرائق في المنطقة الحراجيّة بالقرب من مطار اسطامو، حيث منعت قوى الدفاع المدني النيران من الوصول إلى المطار، ثم وصلت النيران إلى مناطق حراجيّة متعددة أبرزها كان حرف المسيترة، وكان الحريق الأكبر والأخطر في منطقة دير حنا في ريف القرداحة.

مصدر الصورة: صفحة الدفاع المدني.

أشار وزير الزراعة، طه الأحمد، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية (سانا) إلى أن هذه الحرائق هي نتيجة أعمال تخريبية “لفلول النظام البائد” بهدف زعزعة الاستقرار وإزعاج المواطنين وحرق ممتلكاتهم، وبأنه يوجد تنسيق وجهد متبادل مع وزارة الداخلية على محاسبة المتورطين في هذه الأعمال التخريبية وتقديمهم للعدالة، فيما تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تظهر “مجموعات” تابعة لوزارة الدفاع وصفها رئيس الفترة الانتقالية، أحمد الشرع، بغير المنضبطة وهي تحرق بعض الأراضي الزراعية بدوافع انتقامية خلال أحداث الساحل الأخيرة. 

وقد طالت بعض الشائعات فريق الدفاع المدنيّ السوريّ حيث تم اتهامهم بعدم الاستجابة إلى مطالب الناس بالتدخل من أجل إخماد الحرائق، ما دفع  مدير الدفاع المدنيّ السوريّ رائد الصالح للتصريح عبر منصة “إكس” بأن “فلول النظام” لن تتوقف عن إثارة الفتنة ونشر المعلومات المضللة بينما فرق الدفاع المدنيّ تعمل منذ أكثر من 13 ساعة لمكافحة 15 حريق في مناطق مختلفة من ريف اللاذقية وريف طرطوس؛ هناك من ينشر معلومات مضللة بأن الفرق لا تستجيب.

في حين واجهت فرق الدفاع المدنيّ بعض الصعوبات على أرض الواقع المتمثلة بتضاريس المنطقة الوعرة وصعوبة وصول سيارات الإطفاء، واشتداد سرعة الرياح بشكل كبير، ووجود عدة بؤر للحريق في المنطقة الواحدة، وتجدد اشتعال النيران، وأحد أهم الصعوبات بحسب قناة الجزيرة هو اندلاع الحرائق في وقت واحد مما اضطر قوى الدفاع المدنيّ إلى الانقسام للسيطرة على مختلف المناطق، ومنع امتداد الحرائق إلى مناطق جديدة. 

وبحسب تصريح عبدالكافي كيال المُسجل فإن هذه الحرائق هي الأخطر من حيث الضرر الحاصل في الأحراج الزراعيّة التي تُعتبر بيئة غنيّة بالأوكسجين، حيث يعمل الدفاع المدنيّ على التوعيّة من خطر هذه الحرائق والاهتمام بالغابات والأحراش التي تعتبر المتنفس لسوريا والساحل السوريّ بشكل عام.

وكانت إدارة الدفاع المدنيّ قد حذرت عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ من إشعال النيران في الغابات أو المناطق الزراعية بسبب حركة الرياح القوية التي شهدتها المنطقة الساحليّة خلال الأسبوع الأول من شهر آذار الحاليّ، كما أكدت عبر معظم المنشورات على أن الغطاء النباتي هو ثروة وطنية وهو لكل السوريين وواجب الجميع الحفاظ عليه؛ للحفاظ على التنوع الحيويّ ومواجهة تغيرات المناخ، وهذه الأحراش هي إرث لنا وللأجيال القادمة.

مصدر الصورة: صفحة الدفاع المدني.

نهاية تشرين الأول من عام 2024 تعرّضت المناطق الحراجيّة في ريفي طرطوس وحمص إلى موجة من الحرائق، حيث اندلعت النيران في كل من حب نمرة وتنورين في ريف حمص، وامتدادها في قرية البارقية في ريف طرطوس، وقد نقلت صحيفة الشرق الأوسط أحد الشهادات المحليّة في حمص بأن المناطق على موعد سنويّ مع الحرائق  التي تلتهم الأخضر واليابس، وكل عام يتكبد الأهالي خسائر فادحة لا تقتصر على محاصيل الموسم، بل لعشر سنوات مقبلة لحين تعويض الأشجار. 

كما أشار الشاهد إلى تأثير هذه الحرائق على مختلف أنواع الأراضي أو المزروعات، فقد تفحّم الشجر الحراجيّ المعمّر والشجر المثمر؛ وأغلبه شجر زيتون، بالإضافة إلى الكستناء والتفاح وكروم العنب والفواكه والنباتات الطبيّة، وغيرها من زراعات تُعدّ مصدر رزق أساسي لغالبية سكان المنطقة.

كذلك اندلعت الحرائق في مساحات واسعة من غابات ريف اللاذقية بالتزامن مع حرائق ريفي حمص وطرطوس، حيث أشار محافظ اللاذقية السابق خالد أباظة أن معظم المساحات المتضررة كانت حراجيّة إلى جانب أضرار في مساحات زراعيّة وممتلكات عامة وخاصة، في اجتماع مع وزير الزراعة السابق نقلت تفاصيله وكالة الأنباء الرسمية( سانا)،كما لفت أباظة إلى أنه سيتم إعداد خطة متطورة لاستخدام التقنيات الحديثة في الرصد والمتابعة وإدارة فرق الدعم والمؤازرة وتوجيهها بالشكل المطلوب لمكافحة الحرائق بالسرعة الممكنة، مبيناً أن الحرائق طالت أكثر من 30 موقعاً في اللاذقية، الجدير بالذكر أن هذا الاجتماع كان قبل شهر تقريباً من سقوط نظام الأسد واستلام الحكومة المؤقتة العمل على تسيير شؤون الدولة في سوريا، ولم تتوفر مصادر إعلاميّة أو محليّة لتؤكد أو تنفي تطبيق مخرجاته على أرض الواقع، أو اعتماد خطط بديلة للتعامل مع الحرائق الحراجيّة والحدّ منها.

Scroll to Top