جمعية روّاد البيئة في جرمانا: محاولة لنشر الوعي بالمواضيع البيئية

ليدا زيدان –

يتوجّه أدهم صباح كل يوم إلى الحديقة البيئية في شارع المدارس بجرمانا، يقضي وقته في تقليم الأشجار والعناية بالنباتات والإشراف على نظافة الحديقة التي بدأ عمله فيها منذ سبع سنوات. يقول: “هذا المكان أصبح بمثابة المنزل، أقضي يومي هنا منذ السابعة صباحاً حتى السادسة مساءً مع حرصي على أن يحظى الزوار بالراحة والأمان”.

تعتبر الحديقة البيئية من الأماكن القليلة، وربما الوحيدة، التي تتمتّع بالنظافة والهدوء في المدينة، وتتبع لجمعية روّاد البيئة، ويشرف عليها الشاب أدهم خويص.

عام 2004 بدأت مجموعة من الشباب بالتفكير في مشروع بيئي، يمثّل تطلّعاتهم واهتمامهم بالبيئة، فقرّر كل من حكمت أبو حمدان، وهو رسام وخريج كلية علوم، وعلي قطان، أيضاً متخرّج من كلية العلوم، مع مجموعة من أصدقائهم بإنشاء جمعية روّاد البيئة، وتمّ ترخيص الجمعية من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل واتخذت من الحديقة البيئية في جرمانا مقرّاً لها.

اعتمد المؤسسون على نظام داخلي ينظّم عمل أعضائها، وتعتمد الجمعية على التطوّع كمبدأ أساسي للانضمام لها، وينقسم الأعضاء إلى متطوّع وعضو عامل ومؤازر، كما أن أغلب المتطوعين في الجمعية هم من فئة الشباب.

مجلة لحلاح التقت رئيس مجلس الإدارة الحالي، ماجد سلوم، للوقوف على نشاطات الجمعية، والذي أوضح أن “الهدف الأساسي للجمعية هو التوعية البيئية، حيث تُجري حملات مستمرة في هذا الصدد، من محاضرات وورش عمل، إن كان في مقر الجمعية أو في الحقول أو الصالات الاجتماعية، ويتركّز مجال نشاط الجمعية في مدينة جرمانا”.

لا تحصل الجمعية على أي تمويل حكومي، وإنّما تعتمد على الاشتراكات السنوية ورسوم الانتساب، بالإضافة لتبرعات عينية أو نقدية من أهالي مدينة جرمانا، ويتألّف مجلس الإدارة الحالي من 11 شخصاً يجتمعون كل يوم إثنين لوضع خطة تنظم بنشاطات الجمعية.

حتى الآن قامت الجمعية بإنجاز العديد من المشاريع، بعضها يحدث بشكل سنوي، مثل معرض الزهور والذي بدأ منذ ثلاث سنوات، ويرجع سلوم نجاح المعرض إلى التحضيرات الجيدة، وتضمّن المعرض عدة نشاطات حرفية وأخرى يدوية، بالإضافة لسينما في الهواء الطلق، كما شارك في المعرض مشاتل زهور من مناطق مختلفة من الريف.

تواظب الجمعية على إنجاز حملات تشجير بشكل دائم على الأرصفة وفي الأماكن العامة، إضافة لحملات النظافة والاهتمام بالحدائق العامة، وبحسب رئيس الجمعية كان لها عدة نشاطات مع البلدية ومديرية البيئة ومركز الشباب الإنكليزي وغيرها من المنظمات، وكذلك تنظّم الجمعية نشاطات ترفيهية مثل ماراثون سباق الدراجات كل ربيع وخريف، ومسير إلى البساتين المحيطة بالمدينة، ورحلات خارج جرمانا إلى مناطق أخرى مثل النبك والزبداني.

يضيف سلوم: “تم إنجاز حملات تشجير في الزبداني بشكل سنوي، وأصبح عدد الأشجار المزروعة يقارب 4000 شجرة، تم التشجير في أكثر من منطقة في جرمانا مثل الأرصفة، شارع الموقف، حارة الحمام، جنينة الشيخ صالح، المدارس، بالإضافة لمساهمة الجمعية في مشروع بستان خيري حيث قامت بتشجيره”.

شاركت الجمعية أيضاً أثناء جائحة كورونا بتعقيم المدارس والحدائق ورياض الأطفال، ووزّعت المعقمات على جميع المدارس في جرمانا، بالإضافة لتنظيم ندوات مع نقابة المعلمين ومنظمات غير حكومية مثل منظمة “بيتنا” و”مسارات” وإنجاز حملات تشجير مشتركة معهم.

تسعى الجمعية لإنجاز مشاريع مستدامة لكنها تجد صعوبة في تحقيق ذلك للعديد من الأسباب، إحدى مشاريعها المستدامة الحديقة البيئية حيث تعتبر الجمعية هذا المشروع مركزي ودائم. يقول سلوم: “نعمل على الإشراف على الحديقة والعناية بها، وهناك إيرادات يومية من مقهى صغير في الحديقة تذهب للعامل المشرف على الحديقة”، وبحسب سلوم كانت الجمعية تعاني من صعوبة في عملها أيام النظام السابق، حيث أن أي نشاط كان يحتاج إلى موافقات، “إذا أردنا القيام بمسير أو حملة تشجير نحتاج لموافقة، ووصلنا لمرحلة نقوم فيها بالنشاطات دون موافقات دون الاكتراث بالنتائج”.

واحد من المشاريع المهمة التي تم تعطيلها من قبل النظام السابق هو مشروع نادٍ بيئي مدرسي، حيث حصل مجلس الإدارة السابق على موافقة للقيام به لكن تم الاعتراض من أعضاء الحزب حينها وتم إيقاف المشروع.

يتابع سلوم: “بدأ العمل على هذا المشروع لكنه توقف في بدايته، حيث تم إنجاز جلستين فقط، كان هدف المشروع توعية الطلاب بالمواضيع البيئية مثل التنوع الحيوي والنظام البيئي والمياه والنظافة داخل المدارس.. وقد تم تخصيص يوم في الأسبوع سُمي باليوم البيئي بالإضافة لتشكيل لجنة بيئية في المدارس من الطلاب، لكن وزارة التربية عطلت المشروع بسبب واقع المدارس والخوف من التأثير على الحصص الدراسية”.

تحاول جمعية روّاد البيئة أن تكون فاعلة في جميع المناسبات والفعاليات، بهدف التوعية وزيادة الاهتمام بالبيئة، حيث قامت في مناسبات مثل عيد المرأة العالمي بتوزيع نبتات الورد الشامي على سيدات دمشق، وتم توزيعها أيضاً على المستوصفات الخيرية والحكومية، وفي مناسبات أخرى تم توزيع النباتات لمؤسسات حكومية مختلفة.

كما قامت الجمعية بورشات إعادة تدوير دواليب السيارات والصناديق البلاستيكية واستخدامها كأحواض لزراعة النباتات، بالإضافة لحملات مشتركة مع نادي السينما في جرمانا، وحملات سنوية لتوزيع نباتات الورد الجوري، وكذلك قامت بدراسة عن “نبّاشي القمامة” وحاولت رصد تفاصيل حياتهم بالتعاون مع مؤسسة الأمان.

تطمح الجمعية لتوسيع عملها خارج المدينة، وزيادة كوادرها، لكن ذلك يحتاج لزيادة الوعي بالمواضيع البيئية والاهتمام بالتغيرات المناخية وتأثيرها على البيئة.

Scroll to Top