تحديات تربية الكلاب والقطط في ريف حماة

ليلى جروج

يواجه مربّو الحيوانات الأليفة مجموعة من الصعوبات التي تعيق عملية تربيتها في سوريا بشكل عام، وفي الأرياف على وجه الخصوص، حيث يتركّز اهتمام الأطباء البيطريين على المواشي، كما لا تتوفر بعض الخدمات التي تتطلبها تربية الحيوانات الأليفة، مثل اللقاحات الدورية أو الادوية اللازمة في بعض الحالات، عدا عن النظرة الاجتماعيّة الساخطة واتهامهم بالانفصال عن الواقع.

تتحدّث وعد سموع (28 عاماً) عن تجربتها الطويلة مع تربية الكلاب، ومعاناتها في إيجاد طبيب بيطري مقيم في الريف. تقول لمجلة لحلاح: “ليس من الصعب تأمين اللقاحات اللازمة بقدر صعوبة  إيجاد طبيب مختصّ برعاية الحيوانات الأليفة في الريف، فمعظم البيطريين في الأرياف يركّزون عملهم على المواشي”. تضيف سموع أنه في الحالات الطارئة كان عليها الاتجاه إلى مدينة حماة أو الذهاب لإحضار الطبيب منها، أما عملية البحث عن طبيب جيّد كان تتطلب جهداً مضاعفاً، تقول: “كان التواصل مع أشخاص خارج سوريا للتأكد من مدى تمكُّن الطبيب وجودة عمله إحدى الطرق التي اتبعتها للاطمئنان إلى سلامة الاختيار، في محافظة حماة الوضع سيء، من حيث إيجاد الطبيب المختص قبل تأمين الأدوية واللقاحات”.

أما مايك (اسم مستعار – 32 عاماً) فيرى أن تأمين لقاح غير قاتل يُعدّ حدثاً نادراً جداً، فاللقاحات متوفرة؛ لكن المشكلة في جودتها وليس وجودها. يقول: “اللقاحات متوفرة عند أي طبيب بيطري لكن الخطورة تكمن في نوعية اللقاح وضمان جودته، فبعضها يكون ’’مضروب’’ ويؤدي إلى مرض الحيوان وموته”. من جهة ثانية يرى مايك أن اختيار الطبيب يكون حسب سمعته “عبر السؤال عنه في المجموعات على منصات التواصل الاجتماعيّ بالاعتماد على تجارب الناس.. في دمشق مثلاً يوجد أربعة أطباء مشهورين”. 

في السياق ذاته، تقول نورا رحال (25 عاماً) إنها لم تواجه مشاكل في تأمين الأدوية اللازمة لقططها، وتوضح: ” تحتاج القطط إلى حبة نفس كل شهرين، لكن بخصوص اللقاحات، وعلى الرغم من معرفتي بأهميتها، إلا إنني لم أعطها لقططي كونها منزلية”، كما ترى رحال أن تأمين الأدوية سهل نسبياً، بما أن كل شيء متوفر، وليس من الصعب الحصول على الأدوية الدوريّة في حماة.

ترى وعد سموع أن المجتمع ينظر بطريقة ظالمة إلى تربية الحيوانات الأليفة، لأنه وفقاً للنظرة الاجتماعيّة المتعارف عليها فإن تربية الحيوانات ذات تكلفة عالية جداً، من حيث تأمين الطعام والشراب والعناية الشخصية بالحيوان، فالرخاء المادي هو ما يدفع الناس إلى شراء الحيوانات وتربيتها، وتضيف: “هناك حالة من الاقتناع بين الناس بأن الحيوانات الأليفة تسبب الأمراض، خصوصاً للإناث”.

أما رحال فتربط بين عدم تجربة تربية الحيوانات الأليفة والنظرة السلبية للأمر، كما أنها لا تفهم حالة الاقتران التي يفرضها المجتمع بين امتلاك مربّي الحيوانات لوقت فراغ كبير والحالة الماديّة الجيّدة. تقول في هذا السياق: “أعتقد أن هؤلاء الناس يفتقرون إلى التجربة العمليّة للأمر، فلو قام أحدهم بتبنّي أي حيوان أليف فستتغير حياته فعلاً، وتتغير نظرته تجاه الحياة كلها”. من جهته يرى مايك أن الناس يضعون الأولويّة لإنجاب الأطفال وتربيتهم، وليس لتربية الحيوانات الأليفة في المنازل.

تعتقد رحال أن الأمر مُختلف اليوم فيما يخصّ رعاية الحيوانات وحمايتها، فهناك “مستوى جيد” من الوعي، من الممكن تعزيزه من خلال حملات توعية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتوّجه إلى الجيل الجديد لتعليم طرق التعامل مع الحيوانات.

كما يرى مايك أنه يوجد اهتمام ضمن الشارع السوري برعاية الحيوانات، لافتاً إلى وجود حملات لنشر الطعام والماء للحيوانات على الطرقات، ما اعتبره مؤشراً إيجابيّاً، لكنها “تحتاج إلى الدعم من قبل الحكومة أو الجمعيات المحليّة لضمان استمراريتها، وأن تُدعم من قبل الحكومة الحالية بالقوانين الصارمة والواضحة التي تجرّم الاعتداء على الحيوانات، وتوعية الأطفال ضمن المدارس تجاه هذه القضية”.

بالنسبة إلى سموع، يبدأ الأمر من الأسرة والأهل بالدرجة الأولى، تقول: “ما ألاحظه أن الأطفال يرغبون باللعب مع الحيوانات بطريقة عادية ولطيفة، لكن فجأة يؤمر من أهله بضرب الحيوان، وبهذه الطريقة سيعتقد بأن هذا السلوك هو السليم والجيد، وقد يتطوّر الأمر إلى حالات سيئة ينتج عنها ردة فعل عنيفة من قبل الحيوان، وبهذا تكون النتيجة كارثية”، وتؤكد سموع أنها لا تطلب من أحد تربية حيوان أليف ورعايته، لكن من الجيد عدم التسبب بالأذى لهذه الكائنات.

يجد مايك أن أصعب جزء في تربية الحيوان الأليف في المنزل هو الحفاظ على المكان مرتباً ونظيفاً، بالإضافة إلى تبديل التراب الدائم بالنسبة للقطط، وإخراج الكلاب يومياً للسير، أما رحال فترى أن غذاء الحيوانات لا يشكّل صعوبة كما يُشاع أحياناً، تقول: “اعتادت قططي على أكل الطعام المنزليّ، لكن المشكلة تكمن في التنقلات والسفر داخل سوريا، بالإضافة إلى صعوبة التفكير في السفر الخارجيّ لما يترتّب من معاملات لنقل الحيوان إلى الخارج”.

بدورها ترى سموع أن تحمّل مسؤولية الحيوان الأليف بالكامل من قبل المربي تشكّل حملاً عليه، وتوضح: “بعد أن رأيت تعامل الدول في الخارج مع الحيوانات وجدت أن الصعوبة تتمثّل بالمسؤولية الكاملة التي يتحمّلها المربّي في سوريا، ففي الخارج هناك خيارات متعددة أمامك، منها الأماكن المتخصصة برعاية الحيوانات وتنظيفها ومتابعة حالتها الصحيّة”، وتختم سموع حديثها لمجلة لحلاح بالقول: “لا أفكّر بتبني أو شراء حيوان أليف جديد، بسبب الألم النفسيّ الذي يرافق خسارة أحد الحيوانات، فقد فقدت كلبين في الماضي، وبقي لدي كلب واحد، فالموت بعد كل هذا التعلّق صعب جداً، وبالنسبة إلي هذه من أشد الصعوبات التي تواجه المُربّي، أشعر أحياناً أنني ضدّ التربية اليوم، لسبب واحد فقط وهو صعوبة الخسارة”.

Scroll to Top