تأثير التغيرات المناخية على النساء خلال الحروب

نوار الخطيب

في ظل الحروب والصراعات، تُعَدُّ النساء من أكثر الفئات تأثّراً بتداعيات التغيّرات المناخية، وتتفاقم هذه التأثيرات بالنظر إلى الأدوار الاجتماعية والاقتصادية التي تلعبها النساء، وهو ما يجعلهنّ أكثر عرضةً للمخاطر والتهديدات.

تؤدي الكوارث الطبيعية المرتبطة بالتغير المناخي إلى تفاقم العنف ضد النساء والفتيات، وهو ما يعرف بالعنف القائم على النوع الاجتماعي، هذه التغيرات، مثل الفيضانات والجفاف، تتسبب بنزوح أعداد كبيرة من السكان، وخلال الحروب، يتضاعف هذا التأثير، ما يجعل النساء عرضة للاستغلال والعنف، ففي حالات النزوح والتهجير تصبح النساء أكثر عرضة للعنف الجنسي والجسدي. وفقاً لتقديرات برنامج الأمم المتحدة للبيئة فإن 80% من المشردين بسبب تغير المناخ هم من النساء، ما يجعلهن عرضة أكبر للعنف، بما في ذلك العنف الجنسي.

في المناطق الريفية تعتمد غالية النساء على الزراعة كمصدر رئيس للدخل، ومع التغيرات المناخية، تتعرّض المحاصيل للتلف، ما يعني فقدان سبل العيش، وفي ظل الحروب والأعمال القتالية، يصبح الوصول إلى الأراضي والموارد أكثر صعوبة، ما يزيد من معاناة النساء، لا سيما في حالات النزوح والتشريد، تتحمل النساء مسؤوليات إضافية في رعاية الأسرة وتوفير الاحتياجات الأساسية، ومع ندرة الموارد، يضطررن إلى قطع مسافات طويلة لجلب الماء والطعام، ما يعرضهن لمزيد من المخاطر. هذا العبء المتزايد قد يؤدي إلى تدهور صحتهن الجسدية والنفسية، وفي الوقت ذاته، في خضم الحروب والكوارث الطبيعية، تتدهور البنية التحتية الصحية، ما يجعل الوصول إلى الخدمات الصحية، بما في ذلك الرعاية الصحية الإنجابية، أمراً صعباً، وهو ما من شأنه أن يزيد من مخاطر الوفيات وانتشار الأمراض بين النساء، خاصة الحوامل منهن.

يعتبر الفقر أحد أبرز العوامل الأساسية التي تزيد من تأثر النساء بالتغيرات المناخية خلال الصراعات، إذ تشكل النساء نسبة كبيرة من سكان العالم الفقراء، ما يجعلهن أكثر عرضة لتأثيرات التغير المناخي، وفي ظل الحروب، تتفاقم أوضاعهن الاقتصادية، ما يسهم في زيادة هشاشتهن أمام الكوارث.

بالإضافة إلى ذلك، تحد الأعراف والتقاليد الاجتماعية في بعض المجتمعات من حصول النساء على التعليم والمهارات اللازمة لمواجهة المخاطر البيئية، فعلى سبيل المثال قد يؤدي نقص مهارات السباحة بين النساء إلى زيادة معدلات الوفيات بينهن خلال الفيضانات، كذلك تقيّد بعض الأعراف والتقاليد الاجتماعية حركة النساء وتمنعهن من اتخاذ قرارات مستقلة، ما يزيد أيضاً من احتمالية تعرّضهن للمخاطر خلال الكوارث والصراعات.

علاوةً على ذلك، غالباً ما يتم استبعاد النساء من عمليات صنع القرار المتعلقة بإدارة الكوارث والتخطيط للاستجابة لها، وبالتالي يتم تجاهل احتياجاتهن الخاصة في تلك الخطط.

لا شكّ أن إشراك النساء في جميع مستويات صنع القرار المتعلقة بالتغير المناخي وإدارة الكوارث يعتبر ضرورة لضمان مراعاة احتياجاتهن الخاصة وتقديم حلول فعّالة، لكن قبل ذلك لا بد من تقديم برامج تعليمية وتدريبية للنساء لبناء قدراتهن وتعزيزها في مواجهة الكوارث والتكيّف مع التغيرات المناخية، كما لا بدّ من ضمان توفير الخدمات الصحية الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية الإنجابية، للنساء في المناطق المتضررة من الكوارث والصراعات، وأيضاً يجب تنفيذ سياسات وبرامج تهدف إلى حماية النساء من العنف، خاصة في مراكز الإيواء والمخيمات، تزامناً مع تعزيز الوعي المجتمعي حول أهمية دور النساء في المجتمع وقدرتهن على المساهمة في مواجهة التحديات البيئية والاجتماعية.

باختصار، يمكن القول إن مواجهة التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية على النساء خلال الحروب والصراعات تتطلب تبنّي نهج شامل يراعي الفوارق بين الجنسين ويعزز من دور المرأة في المجتمع، وذلك عبر تنفيذ سياسات وتدابير المناسبة، وهو ما من شأنه أن يحدّ من معاناة النساء وتمكينهن من مواجهة التحديات بأقصى درجة من الفعالية.

Scroll to Top