أزمة النفايات في دير الزور: واقع سيء وحلول خجولة

رؤى النايف

تعاني مدينة دير الزور من أزمة خدمية متفاقمة، حيث تتكدّس أكوام النفايات أمام المنازل في الأحياء السكنية والأماكن العامة، ما يشكل تهديداً مباشراً على الصحة العامة، خاصة بالنسبة للأطفال، وفي غياب جهودٍ فعّالة من قبل الجهات المعنية أصبحت هذه الظاهرة مصدر قلقٍ يوميّ للسكان، الذين يعانون من الأضرار البيئية والصحية الناتجة عنها.

وفقاً لعدد من سكان حي العرفي في المدينة، فإن تفاقم مشكلة تراكم النفايات يعود إلى التأخر في تفريغ الحاويات، الذي قد يمتد في بعض الأحيان إلى عشرة أيام، ما يتسبّب في تكّدس القمامة في الشوارع وانتشار الروائح الكريهة والحشرات. ويعزو البعض ضعف خدمات النظافة إلى النقص في الآليات والعمال، بينما يرى آخرون أن المشكلة تتعلّق بسوء الإدارة وغياب الرقابة.

يوضّح ياسر عدنان، أحد سكان حي العرفي، أنّ تراكم النفايات في الحي يعود إلى عدم انتظام خدمات جمع القمامة من قبل سيارات النظافة التابعة للبلدية، لافتاً إلى أن عملية تفريغ الحاويات قد تستغرق في بعض الأحيان أسبوعاً أو أكثر، وهو ما يؤدي إلى انتشار الروائح الكريهة بشكل كبير في الحي. ويطالب ياسر البلدية بتحديد أيام ثابتة، على ألا تقلّ عن ثلاثة أيام في الأسبوع، لتفريغ الحاويات بانتظام. في هذا السياق، يطالب الأهالي بتبنّي حلٍّ جذريّ يتضمّن وضع جدول زمنيّ محدّد لجمع النفايات بانتظام، وزيادة عدد الحاويات في المناطق المكتظة، بالإضافة إلى تفعيل الرقابة على فرق النظافة لضمان التزامها برفع القمامة بشكل دوري.

تقول سهى الشاهر لمجلة لحلاح، وهي من سكان حي الرصافة في دير الزور، إن تبعات تراكم النفايات في الحي لا تقتصر على انتشار الروائح الكريهة والتلوث، بل يؤدي أيضاً إلى تجمّع الكلاب الشاردة حول أكوام القمامة، ما يشكل تهديداً مباشراً للأطفال، وأشارت إلى أن المشكلة تتفاقم بسبب تدهور الوضع الصحي في محافظة دير الزور، إذ تعاني المنطقة من نقص حاد في الأدوية واللقاحات، بما في ذلك لقاح داء الكلب، ونتيجةً لذلك، فإن تعرّض الأطفال لعضّات الكلاب الشاردة قد يؤدي إلى إصابتهم بأمراض خطيرة دون توفر العلاج اللازم، وطالبت بتدخّل الجهات المختصّة بشكل عاجل.

رداً على الشكاوى، يقول مدير فرع دير الزور في مؤسسة “البيئة النظيفة – آي كلين”: “دخلنا مدينة دير الزور في 7 كانون الثاني 2025، ولم نتسلّم الآليات الخاصة بالنظافة بشكل كامل، لكننا تابعنا ملف النظافة، وقمنا بإصلاح الآليات التابعة للمؤسسة التي كانت بحاجة إلى صيانة. عند دخولنا للمدينة، كانت هناك كميات هائلة من النفايات التي كنّا نرحّل منها أكثر من 100 طن يومياً، ومنذ نحو شهر، بدأت عمليات ترحيل النفايات تتحسّن بشكل ملحوظ”.

يضيف: “لا نزال نعمل على إصلاح الآليات بشكل مستمر، وكنا نتلقّى يومياً اتصالات من المواطنين للإبلاغ عن تجمّعات النفايات. الآن، بدأ الوضع يتحسّن مع توسّع العمل اليومي، حيث نركّز على الطرقات الرئيسية ومداخل المدينة، بالإضافة إلى طريق مدخل المطار. لدينا فريقان يعملان على تنظيف الحدائق وأخرى للطوارئ، وأصبحنا نرحّل النفايات بشكل يومي”. ونوّه إلى وجود خطة مستقبلية أكثر فعّالية لتوظيف فرق عمل إضافية بالتعاون مع بعض المنظمات، على أن يكون الهدف هو “الانتقال من مرحلة التنظيف والترحيل إلى مرحلة الشطف وتجهيز الدوّارات والساحات والدوائر الحكومية”.

وبحسب تم حتى الآن تنظيف أكثر من 50% من المدينة، على أن تعمل فرق إضافية في الفترة المقبلة على الدخول إلى المناطق الأكثر تضرراً للقيام بترحيل النفايات وتنظيفها بشكل شامل، ويردف: “في البداية واجهنا صعوبات كبيرة بسبب الدمار الواسع في المدينة، كما واجهنا تحديات تتعلّق بصيانة الآليات”.

تعكس مشكلة تراكم النفايات في مدينة دير الزور التحديات الكبيرة التي يواجهها السكان في ظل الظروف الراهنة، والتي تؤثّر سلباً على الصحة العامة والبيئة، وعلى الرغم من التأخر في جمع النفايات وصعوبة عمل الآليات، إلا أن هناك تحسّن ملحوظ في عمليات ترحيل النفايات خلال الفترة الأخيرة، ومع استمرار التعاون بين الأهالي والجهات المعنية، من المتوقع أن تتحسّن الخدمات بشكل أكبر في الفترة القادمة.

Scroll to Top