رؤى النايف –
مع تسارع إيقاع الحياة المعاصرة، وارتفاع مستوى الضغوط النفسية المتزايدة، يبحث العديد من الناس عن وسائل تفيد في تحسين صحتهم النفسية، ولعل من أبرز هذه الوسائل التي لاقت اهتماماً متزايداً خلال العقود الأخيرة هي تربية الحيوانات الأليفة، والتي أثبتت بعض الدراسات العلمية دورها في تعزيز الاستقرار العاطفي والتقليل من القلق، بما يساهم في تحسين جودة الحياة.
أظهرت دراسة نشورت في دورية Frontiers in Psychology عام 2020 إلى أن وجود حيوان أليف يمكن أن يكون مصدراً للدعم العاطفي، خاصة في فترات الأزمات أو الوحدة، وتشير إلى أن العلاقة بين الإنسان والحيوان، والتي تتسم بالقبول غير المشروط، تقوي الشعور بالانتماء وتخفف من الشعور بالعزلة الاجتماعية.
كذلك يؤدي التفاعل الجسدي مع الحيوانات، مثل مداعبة الكلاب أو اللعب مع القطط، إلى انخفاض مستويات هرمون الكورتيزول المرتبط بالتوتر، وزيادة إفراز الأوكسيتوسين، وهو هرمون يربط بين الراحة والمشاعر الإيجابية. وفقاً لمقال نُشر في Harvard Health Publishing التابع لجامعة هارفارد عام 2021، فإن امتلاك حيوان أليف من شأنه أن يخفض معدلات القلق والاكتئاب وأن يحسن صحة القلب.
لذا تزايد بشكل ملحوظ استخدام الحيوانات كجزء من برامج العلاج النفسي، وبشكل خاص لمرضى اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، والتوحد، والاكتئاب، بعد أن ثبت أنه يخفف من الأعراض السلبية ويزيد من استجابة المرضى للعلاج التقليدي، وهو ما أقرّت به مؤسسة American Psychological Association (APA) بعد أن خلصت إلى أن استخدام الحيوانات ضمن العلاجات التكميلية يؤثر بصورة إيجابية في الصحة النفسية.
من جهة أخرى، يمكن أن تساعد الحيوانات الأليفة الأطفال على تطوير بعض المهارات الاجتماعية، مثل التعاطف وتحمّل المسؤولية، كما أنها يمكن أن تساعد في التقليل من مستويات التوتر في البيئات التعليمية. أما بالنسبة لكبار السن، فوجود حيوان أليف يمكن أن يُحسّن من نوعية حياتهم ويقلل من أعراض الخرف، بحسب Centers for Disease Control and Prevention (CDC) .
لكن، وعلى الرغم من الفوائد المذكورة آنفاً، والتي قد تختلف من شخص إلى آخر، لا بدّ من التنويه إلى أن تربية الحيوانات الأليفة تتطلّب التزاماً طويل الأمد، من حيث تأمين الرعاية الصحية والنظافة والاهتمام اليومي، كما أن بعض الأشخاص قد يعانون من حساسية تجاه الحيوانات أو قد يواجهون صعوبة في تلبية احتياجاتها النفسية والسلوكية، ومع ذلك فإن العلاقة بين الإنسان وحيوانه الأليف تظل نموذجاً مميزاً للتعاطف والرعاية المتبادلة.